في انتظار العتمة في انتظار النور - ايفان كليما
«في مناخ قمعي خانق كان بافل يعمل كاميرا مان في التلفزيون الذي يسمّيه «مصنع الأكاذيب» وكان يحلم ببلد حرّ ينجز فيه فيلما عن محاولته المجهضة للفرار منذ عشرين سنة عبر الأسلاك الشائكة التي تتطوّق البلد وتفصلها عن بقيّة العالم. ظلّ يحلم بذلك الفيلم كأمل أخير في اجتراح شيء حقيقيّ وأصيل من حياة العقم واللا جدوى والضجر والاغتراب والعزلة والحزن العميق. مع اندلاع ثورة المخمل سنة1989 والتي أطاحت بالنظام الشموليّ والشيوعيّ بجمهورية التشيك، سقط بافل في مأزق حقيقيّ، فانتهاء الكابوس لم يقده خارج نفق العتمة نحو النور. على العكس من ذلك بدا مناخ الحرية جديدا وغريبا فوجد نفسه في مواجهة سؤال أساسيّ: هل بدّد الجمود والعجز والعطالة التي أصابت روحه زمن القمع أيّ قدرة على الإنجاز والفعل؟ فقد حوّلته الثورة من حالم بالحب والفن والحريّة والتغيير إلى مدير لشركة رأسمالية مدرّة للأرباح للإعلانات والبورنوغرافيا. فكما لو أنّه لم يعد للبطولة من معنى زمن المتاح والممكن وكما لو أنّه قام باستبطان وتمثّل ذلك العبث والعجز السائدين قبل الثورة فشعر بالضياع بعد وقوعها وظلّ عالقا بينهما فأجهض حلمه بأيّ تغيير ممكن».
Post a Comment